للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن بعض الواجب، فليسا سواءً، بل متى عَجَز ببعض البَدَن لم يسقطْ عنه حكم البعض الآخر، وعلى هذا إذا كان بعض بَدَنِهِ جريحًا وبعضُهُ صحيحًا، غسل الصحيحَ وتَيَمَّمَ للجريح على المذهب الصَّحيح، كما دلَّ عليه حديث الجريح (١).

ونظيره: إذا مَلَكَ المعتَقُ بعضَه (٢) ما يَتَمَكَّنُ به من عتق واجب، لزمه الإعتاقُ.

ونظيره: إذا (ظ / ٢٢٥ أ) ذهب بعض أعضاء وضوئه وجب عليه غسْلُ الباقي، وأمَّا إذا عَجَزَ عن بعض الواجب، فهذا معتركُ الإشكال حيث يلزمهُ به مَرَّةً ولا يلزمه به مرَّة، ويخرج الخلافُ مرَّة، فمن قَدَرَ على إمساك بعض اليوم دون إتمامه؛ أيلْزَمْهُ اتفاقًا، ومن قدر (٣) على بعض مناسك الحَجَّ وعجَزَ عن بعضها، لزمه فعل ما يقدرُ عليه، ويُستنابُ عنه فيما عَجَزَ عنه، ولو: قدر على بعض رقبة، وعَجَزَ عن كاملةٍ؛ أيلزمْه عتقُ البعض، ولو قدر على بعض ما يَكفيه لوضوئه أو غسله، لزمه استعمالُه في الغسلِ، وفي الوضوء وجهاد؛ أحدهما: يلزمُهُ، والثَّاني: له أن ينتقلَ إلى التَّيمُّم، ولا يستعمل الماء.

وضابطُ الباب: أن ما لم يكنْ جزؤُه عبادةً مشروعة لا يلزمُهُ الإتيان به، كإمساك بعض اليوم، وما كان جزؤُه عبادة مشروعةً لزمه الإتيان به (٤)، كتطهير الجُنُب بعض أعضائه، فإنَّه يشرعُ كما عند النوم والأكل والمعاودة يشرع له الوضوءُ تخفيفًا للجنَابَة.

وعلى هذا جَوَّز الإمام أحمدُ للجُنُب أن يتوضَّأَ ويلبثَ في المسجد،


(١) هو صاحب الشجة، أخرج حديثه أبو داود رقم (٣٣٦)، والدارقطني (١/ ١٩٠)، وفيه ضعف.
(٢) كذا في الأصول، ولعل صوابها: "المعتِق بعض".
(٣) (ع): "عجز"! وهو سبق قلم.
(٤) (ع): "وما كان عبادة مشروعة لم يلزمه ... " وهو سبق قلم أيضًا.