ولا يشبهُ هذا اختلاف المجتهدين؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المجتهدين يعتقدُ خطأَ صاحِبهِ في اجتهاده، وفي مسألتنا قد اتَّفقا في الاجتهاد.
قلت: الصَّوابُ أنَّه مع كثرة البُعد يكثُرُ المحاذي للعين.
فإن قيل: هذا إنَّما يكون مع التَّقوُّس كالدَّائرة حول النُّقطة، قلنا: تعم، ولكن الدَّائرة إذا عظُمتْ واتَّسعتْ جدًّا، فإن التَّقَوُّسَ لا يظهرُ في جوانب محيطها إلّا خفيًّا، فيكون الخَطُّ الطَّويلُ مُتَقَوسًا نحو شَعَرَةٍ، وهَذا لا يظهرُ للحِسِّ.
* إذا وطئَ الصَّبِيِّ هل يَجبُ عليه الغُسْلُ؟
أجابَ ابنُ الزاغوني: هذا لا نُسَمِّيه جُنُبًا؛ لأنَّ الجُنُبَ اسمٌ لمن أنزل الماءَ، والصَّبيُّ لا ماء له، وهل يجبُ عليه الغسلُ لالتقاء الخِتَانين؟ ينظر فيه، فإن كان مراهقًا وهو أن يجدَ الشَّهوةَ في ذلك وجبَ عليه الاغتسالُ، وإن لم يجِد ذلك فلا غسل عَليه، لكن يؤمَرُ به تمرينًا وعادَة.
وهكذا أجابَ ابنُ عقيل عن هذه المسألة في صَبِيٍّ وطئَ مثلَهُ، قال: إذ كان له شهوة لَزِمَهُ الغُسلُ، وإن كان ذلك على سبيل اللَّعِب بغير شهوة فلا غُسلَ عليه (١).
* إذا سجدَ على شيء مرتفع لعُذر فهل يجوزُ؟
أجاب ابن الزَّاغوني: إذا كانت الأرضُ ذاتَ صعودٍ وهبوط فلا يَضُرُّ إن سجد على الأعلى، ويجلسُ في المنهبط، فأمَّا إذا كان متَّخِذًا كالدَّرجة والصُّفَّةِ، وأمثال ذلك ولا حاجةَ تدعوه إلى السُّجود عليها، فإنه لا يجوز له ذلك.