للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصبه كما يجب نصب كلّ مقصودٍ إليه بالذكر، نحو: إياك، وويلَه (١)، وويحَه، وهما مصدران لم يُشتق منهما فعل، حيث لم يحتج إلى الإخبار عن فاعلهما، ولا احتيج إلى تخصيصهما بزمن، فحكمهما حكم "سبحان"، ونصبهما كنصبه؛ لأنَّه مقصود إليه.

ومما انتصب لأنَّه مقصودٌ إليه بالذكر: "زيدًا ضربته"، في قول شيخنا أبي [الحسين] (٢) وغيره من النحويين، وكذلك "زيدًا ضربہت"، بلا ضمير، لا نجعله مفعولًا مقدَّمًا؛ لأنَّ المعمول لا يتقدم على عامله، وهو مذهب قوي. ولكن لا يبعد عندي قول النحويين: إنه مفعول مقدّم، وإن كان المعمول لا يتقدَّم على العامل، والفعل كالحرف؛ لأنَّه عامل في الاسم، ودالٌّ (٣) على معنى فيه، فلا ينبغي للاسم أن يتقدَّم على الفعل، كما لا يتقدم على الحرف، ولكن الفعل في قولك: "زيدًا ضربت" قد أخذ معمولَه، وهو الفاعل، فمعتمده عليه ومن أجله صِيْغ، وأما المفعول؛ فلم يبالوا به، إذ ليس اعتماد الفعل عليه كاعتماده على الفاعل، ألا ترى أنَّه يُحْذف والفاعل لا يُحذف؟ فليس تقديمه على الفعل العامل فيه بأبعد من حذفه، وأما "زيدًا ضربته"؛ فينتصب بالقصد إليه كما قال الشيخ.

وهذا الفصل مران أعجب كلامه، ولم أعرف أحدًا من النحويين سبقه إليه.


(١) سقطت من (د).
(٢) في الأصول: الحسن"! والتصويب من "النتائج" ومصادر الترجمة.
وهو: أبو الحسين سليمان بن محمد بن عبد الله المعروف بابن الطراوة. ت (٥٢٨)، وكان من النحاة المعدودين.
انظر: "إنباه الرواة": (٤/ ١٠٧)، و"إشارة التعيين": (ص/ ١٣٥).
(٣) (ظ ود): "وذاك"!.