للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنع منه أصحابُهُ، وقالوا: نصَّ في روايةِ حرب على خلافِهِ، فقال: باب الرهنِ يُكتب شراء. قيل لأحمد: المتبايعان بينهما رَهْنٌ فَيَكْتبان شراء؟ فكرهَهُ كراهة شدِيدة، وقال: أوَّلُ شيء أنه يكذب، هو رهن ويُكتَبُ شراء، وكرهَهُ جدًّا.

قال ابن عَقِيل: ومعنى هذا: أن المرتهن يكتب شراءً لموافقة بينَه وبينَ الراهنِ، إن لم يأتهِ بالحق إلى وقتِ كذا يكون الرَّهْنُ مَبيعًا، فهو باطلٌ من حيث تعليق البيع على الشرط، وحرامٌ من حيثَ إنه كَذبٌ وأكل مال بالباطلِ.

قلت: وهذا لا يناقض فعلَه، وهذا شيءٌ وما فعله شيء، فإن الراهن والمرتهن قد اتَّفقا على أنه رهن، ثم كتبا أنه عَقد تبايع في الحال، وتواطَئا على أنه رهْن، فهو شراء في الكتاب رهْنٌ في الباطن، فأين هذا من قولهما ظاهرًا وباطنًا: "إن جئتك بحقِّكَ في محلِّه، وإلا فهو لك بحقِّك"، ألا ترى أن أحمد قال: هذا كذب، ومعلوم أن العقدَ إذا وقع على جهة الشرط فليس بكَذِب، وليس في الأدِلَّةِ الشَّرعيَّةِ ولا القواعدِ الفقهيَّة ما يمنع تعليقَ البيع بالشَّرطِ، والحقّ جوارهُ، فإنَّ المسلمينَ على شروطِهم، إلا شرطًا أحل حَرامًا أو حَرَّم حلالًا، وهذا لم يتضمن واحدًا من الأمرين، فالصَّواب جواز هذا العقد، وهو اختيارُ شيخِنا (١) وفعل إمامنا (٢).

قال أحمد في رواية أبي (ظ/٢٤٣)، طالب: "إذا ضاع الرهنُ عندَ


= بالحق إلى كذا وإلا فهو لك. قال: وهذا بيع بشرط، فقد فعلَه وأَفتَى به، وكذلك ذكره الذهبي في "السير": (١١/ ٢٠٦) عن ابن أبي حاتم.
(١) في (ق) زيادة: "على عادته حمل ذلك"! وهي مقحمة هنا، ولعله انتقال نظر من الجملة بعد سطرين.
(٢) انظر: "إعلام الموقعين": (٣/ ٣٦٣، ٣٨٧ - ٣٨٩) و (٤/ ٢٨).