للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا يدري لعلها تعلقُ عليه ولدًا من غيره.

قلت: وما علمُهُ أنها قد تابت؟ قال: يريدُها على ما كان أرادها عليه، فإن امتنعت فهي تائبةٌ.

قلت: وهذا التفات من أحمد إلى القرائن ودلائلِ الحال، وجواز إيهام غير الحقِّ، قولًا وفعلًا، ليعلم به الحق، وهذه اقتداءٌ بنبي الله سليمان بن داود حيث قال في الحكومةِ بين المرأتين في الصبي: "ائتوني بالسِّكِّينِ أشُقَّهُ بينكما" (١).

ومن تراجم النسائى (٢) على حديثه هذا: "التَّوسِعةُ للحاكم أن يقول للشيء الذي لا يفعلُه: "افعل" ليستبينَ به الحَقَّ".

وهذا الذي قاله أحمدُ اتَّبَعَ فيه ابن عمر فإنه قال: يريدُها على نفسِها، فإن طاوعَتْهُ لم تَتُبْ، وإن أبَتْ فقد تابَتْ.

وأنكر الشيخ في "المغني" (٣) هذا جدًّا، وقال: "لا ينبغي لمسلم أن يدعوَ امرأة إلى الزنى، ويطلبَهُ منها، ولأنّ طلبه ذلك إنما يكونُ في خَلْوَةٍ، ولا تحلُّ الخَلْوَةُ بأجنبيَّةٍ، ولو كان في تعليمها القرآنَ، فكيف يحِلُّ في مراودِتها على الزِّنا! ثم لا يأمن إن أجابَتْه إلى ذلك أن يعودَ (٤) إلى المعصية، فلا يحِلُّ التَّعَرُّضُ لمثل هذا، ولأنَّ التَّوْبَةَ من سائر الذُّنوبِ، بالنسبة إلى سائِر الأحكامِ، وفي حقِّ سائر الناس، على غيرِ هذا الوجهِ، فكذا هذا".


(١) تقدم تخريجه ١/ ١٢.
(٢) "السنن الكبرى": (٣/ ٤٧٢).
(٣) (٩/ ٥٦٤).
(٤) (ق): "يعود هو".