للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: موافقتُهُ للفظ القرآن.

الثالث: أن لفظ التنكير فيه مقصودٌ به التعظيم كقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} [ص: ٢٩]، وقوله: {وَهَذَا ذِكْرٌ} (ق/ ٣٥٨ أ) {مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: ٥٠]، وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ} [الأحقاف: ١٢]، ونظائره.

الرابع: أن دخولَ اللام يُعَيِّنُهُ ويخصُّه بمقام معيَّن، وحذفُها يقتضي إطلاقًا وتعدُّدًا، كما في قوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: ٢٠١] ومقاماتُهُ المحمودة في الموقِفِ متعدِّدَةٌ، كما دلَّتْ عليه الأحاديثُ، فكان في التنكيرِ من الإطلاقِ والإشاعَةِ ما ليسَ في التَّعريفِ.

الخامس: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يحافِظُ على ألفاظ القرآن تقديمًا وتأخيرًا، وتعريفًا وتنكيرًا، كما يحافظُ على معانِيه، ومنه: قولُه وقد بدأ بالصَّفا: "ابْدَأُوا بما بَدَأَ اللهُ به" (١)، ومنه: بداءته في الوضوء بالوجهِ ثم باليدينِ اتَباعًا للفظ القرآن، ومنه: قولُه في حديث البَرَاء ابن عازب: "آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، ونَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ" (٢)


= ابن مسلم بن وارة، والعباس بن الوليد الدمشقي، ومحمد بن أبي الحسين.
٢ - من رواه بالتعريف فقط، وهم اثنان؛ عبد الرحمن بن عَمرو أبو زرعة الدمشقي، وموسى بن سهل الرملي.
٣ - من رواه على الوجهين: التعريف والتنكير، وهم ثلاثة؛ عَمرو بن منصور النسائي، ومحمد بن عوف، ومحمد بن يحيى.
(١) أخرجه بلفظ الأمر النسائي في "المجتبى": (٥/ ٢٣٦)، والكبرى: (٢/ ٤١٣)، وابن الجارود: (٢/ ٩٣)، والطبري في "التفسير": (٢/ ٥٤)، والدارقطني: (٢/ ٤٥٢). وبلفظ الخبر: "أبدأ" أخرجه مسلم رقم (١٢١٨) وغيره من حديث جابر -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٤٧)، ومسلم رقم (٢٧١٠).