للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال السائب بن زيد: لقد رأيتُ الناسَ في زمانِ عمر بن الخطَّاب إذا انصرفوا من المغربِ انصرفوا جميعًا حتى لا يبقى في المسجدِ أحدٌ، كأنه لا يصلُّونَ بعدَ المغربِ حتى (١) يصيروا إلى أهليهم (٢).

فإن صلَّى الركعتينِ في المسجدِ فهل يُجْزئُهُ؟ اختلف قوله.

روى عبد الله (٣) عنه أنه قال: بلغني عن رجلٍ سمَّاه، أنه قال: لو أن رجلًا صلَّى الرَّكعتينِ في المسجدِ بعدَ المغرب ما أجزأَهُ (٤)، (ق/ ٣٥١ ب) وقال: ما أحسنَ ما قالَ هذا الرجلُ، وما أجودَ ما انتزَعَ.

ووَجْهه (٥): أمرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالصَّلاة في البيوتِ.

وقال له المرُّوْذي: من صلَّى الركعتينِ بعد المغرب في المسجدِ يكونُ عاصيًا؟ قال: ما أعرفُ هذا.

قلت له: يُحكى عن أبي ثَوْر أنه قال: هو عاصٍ؟ قال: لعله ذَهَبَ إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجْعَلُوهَا في بُيوتكُمْ" (٦).

ووَجْهه: أنه لو صلَّى الفرضَ في البيت، وتَرَكَ المسجدَ أجزأه،


(١) (ع): "يعني: حتى ... ".
(٢) أسنده الأثرم فيما نقله الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد": (١٤/ ١٧٨).
(٣) في "المسائل" رقم (٤٥٨).
(٤) بعده في "المسائل": "إلا أن يكون صلاها في بيته، على حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ".
(٥) هذا التوجيه لأبي حفص العكبري، وكذا عامة التوجيهات التي مرَّت، وانظر "زاد المعاد": (١/ ٣١٣) ففيه التصريح بذلك.
(٦) أخرجه أبو داود رقم (١٣٠٠)، والترمذي رقم (٦٠٤)، والنسائي: (٣/ ١٩٨ ١٩٩) عن كعب بن عجرة، وفيه: "عليكم بهذه الصلاة في البيوت"، وله ألفاظ بنحوه. والحديث استغربه الترمذي. وله شاهد عند أحمد: (٥/ ٤٢٧) من حديث محمود بن لبيد.