للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمتعتِها، والجبال والجنان والرياض، والمراكبِ البَهيَّةِ والصُّورِ البهيجة، ما لم يودعْ في النار شيئًا منه، فأيّ روضةٍ وُجِدَت في النّار، أو جَنَّةٍ أو معدِن، أو صورَة أو عيْنٍ فوّارةٍ (١)، أو نهير مطَّرِدٍ أو ثَمَرَة لذيذة، أو زوجة حسنةٍ أو لباسٍ وسترة.

الرابع عشر: أن غايةَ النار أنها وضعتُ خادمةً لما في الأرض (٢)، فالنارُ إنما محلُّها محلُّ الخادمِ لهذه الأشياءِ المكمِّلِ لها، فهي تابعةٌ لها خادمةٌ فقط، إذا استغنتْ عنها طَرَدَتْها وأبْعَدَتْها عن قربها، وإذا احتاجتْ إليها استَدعَتها استدعاءَ المخدومِ لخادِمِه ومن يقضي حوائِجَهُ.

الخامس عشر: أن اللَّعينَ لقصورِ نظرِهِ وضعف بصيرتِهِ، رأى صورة الطين ترابًا ممتزجاً بماء فاحتقرَهُ، ولم يعلمْ أن الطِّين مُركَّبٌ من أصلين (٣): الماءُ الذي جعل اللهُ منه كلَّ شْيءٍ حيّ، والترابُ الذي جعله خزانَةَ المنافع والنعَمِ، هذا وكم يجيء من الطينِ من المنافعِ وأنواعِ الأمتعةِ، فلو تجاوَز نظرُه صورةَ الطِّين إلى مادَّته ونهايته لَرَأى أنه خيرٌ من النار وأفضل (٤).


(١) غير محررة في النسخ.
(٢) (ع): "النار"!.
(٣) (ع وظ): "أصل".
(٤) ذكر المؤلف في "الصواعق": (٣/ ١٠٠٤ - ١٠٠٦)، عدداً من هذه الوجوه هي أحد عشر وجهاً، منها وجوهٌ لم يذكرها هنا، وهذه هي:
١ - أن التراب يُفسد صورة النار ويبطلها ويقهرها، وإن علت عليه.
٢ - أن الرحمةَ تنزلُ على الأرض فتقبلها وتَحيى بها وتخرج زينتها، وأقواتها، وتشكر ربَّها، وتنزل على النار فتأباها وتطفيها وتمحوها وتذهب بها. فبينها وبين الرحمة معاداة، وبين الأرض وبين الرحمة موالاة وإخاء.
٣ - أن النار تطفأ عند التكبير، فتضمحل عند ذكر كبرياء الرب، ولهذا =