للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَدَأني وَلَيْسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ (١) مِنْ إعادَتِهِ".

وقال عمرُ بن الخطّاب في النَّصارى: "أَذلُّوهم ولا تَظْلِمُوهم، فلقد سَبُّوا اللهَ مَسَبَّةً ما سَبَّة إيّاها أحَدٌ من البَشَر" (٢)، وقال تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥)} [الكهف: ٤ - ٥]، وأخبر تعالى: أن السماوات كادت تنفطر من قولهم هذا وتنشق الأرض منه وتخر الجبال هدًّا (٣)، وما ذاك إلا لتضمُّنه شتمَ الرَّبِّ تبارك وتعالى، والتنَقُّصَ به، ونسبة ما يمنع كمال ربوبِيته، وقدرته وغناه إليه.

الحجة الثالثة: قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: ٣٥] وتقريرُ هذه الحُجَّةِ: أن من كانت قدرتُهُ تعالى كافية في إيجاد ما يريدُ إيجادَهُ بمجرَّدِ أمرِه، وقوله: "كنْ"، فأيُّ حاجة به إلى ولدٍ؟، وهو لا يتكثَّرُ به من قِلَّة، ولا يَتَعَزَّز (٤) به، ولا يستعينُ به، ولا يعجز عن خلقِ ما يريدُ خَلْقهُ، وإنما يحتاج إلى الولدِ من لا يخلُق، ولا إذا أراد شيئًا قال له: كنْ فيكون، وهو (٥) المخلوقُ العاجزُ المحتاجُ الذي لا يقدِرُ على تكوينِ ما أراد.

وقد ذكر تعالى حُجَجًا أخرى على استحالةِ نسبة الولد إليه، فنذكرُها في هذا الموضع:


(١) (ع وق): "عليه".
(٢) لم أعثر عليه.
(٣) كما في سورة مريم آية (٩٠).
(٤) (ق): "ولا يتكبر ولا يتعزّز".
(٥) (ع): "وهذا".