فإن قيل:(ق/ ١٦ أ): فلم قالوا في جمْعِه: "بنون" دون "ابْنون"؟.
قيل: الجمع قد يلحقه التغيير بالكسر وغيره، بخلاف التثنية فإنها لا يتغير فيها لفظ الواحد بحال، مع إنهم رأوا أن جمع السَّلامة لا بد فيه من "واو" في الرفع، و"ياء" مكسور ما قبلها في النصب والخفض، فأشبهت حالُه حالَ ما لم يحذف منه شيء (١).
وليست هذه العلة في التثنية، ولم يقولوا:"ابنات" كما قالوا: "ابنتان"، فإنهم حملوا جمع المؤنث على جمع المذكر؛ لئلا يختلف.
وأما "أخت" و"بنت"؛ فتاء "أخت" مبدلة من "واو"، كـ "تاء""تراث" و"تُخَمَة"، وإنما حملهم على ذلك ها هنا أنهم رأوا المذكر قد حذفت لامه في الإفراد، فقالوا:"أخ" وكان القياس أن يقولوا في المؤنث: "أخَةٌ" كـ "سَنَة" , ولو فعلوا ذلك لكانت تلك التاء حرف إعراب في الإضافة والإفراد، ولم يمكنهم أن يعيدوا المحذوف في الإضافة إلى اللفظ، فيخالف لفظه لفظ المذكر، ولا أمكنهم من تطويل الصوت بالحركات ما أمكنهم في التذكير، لأن ما قبل تاء التأنيث ليس بحرف إعراب، ولا أمكنهم نقصان اللفظ في الموطن الذي تم فيه المعنى؛ فجمعوا بين الأغراض بإبدالها تاء، لتكون في حال الإفراد علمًا للتأنيث، وفي حال الإضافة من تمام الاسم كالحرف الأصلي، إذ هو موطن تتميم، كما تقدم، وسكَّنوا ما قبلها، لتكون بمنزلة الحرف الأصلي، وضمُّوا أول الكلمة إشعارًا بالواو، وكسروها في "بِنْت" إشعارًا بالياء؛ لأنها من "بَنيْتُ".
(١) بعده في "النتائج": "إذ المحذوف منه "ياء" أو "واو" ففتحوا أوله كما كانوا يفعلون لو لم يُحذف منه شيءٌ ... ".