للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقول أبي ذُؤَيْب (١):

أَوْدَى بَنِيَّ وأودعوني حَسْرَةً ... عندَ الرُّقَادِ وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ

وبقول [الأعشى] (٢) يمدحُ النبيَّ -صَلى الله علَيه وسلم-:

له نافلاتٌ ما يُغِبُّ نَوَالَها ... وليس عَطَاءُ اليومِ مانِعَهُ غدًا

وبقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس: ١٥].

والتحقيقُ في ذلك: أن هذه الأدواتِ تنفي الفعلَ المبتدئَ من الحال، مستمر النفي في الاستقبال، فلا تنفيه في الحال نفيًا منقطِعًا عن التَّعَرُّضِ للمستقبلِ، ولا تنفيه في المستقبلِ، مع جوازِ التَّلَبُّس به في الحال، فَتَأَمَّلْهُ.

وتتخلّصُ للاستقبال بعشرة أشياء: (حرف تنفيس، (ق/ ٣٩٠ ب) أو مصاحبة ناصب، أو أداة تَرَجٍّ، أو إشفاق كـ "لعل"، أو مجازاة، أو نوني التوكيد، أو "لو" المصدرية)، كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)} [القلم: ٩]، ومثال الإشفاق، قول الشاعر (٣):

فأمَّا كَيِّسٌ فَنَجَا ولكِنْ ... عسى يَغْتَرُّ بي حَمِقٌ لَئِيمُ

* * *


(١) انظر "ديوان الهذليين": (١/ ٢)، و"المفضليات": (ص/٤٢١)، والبيت فيه:
أوْدَى بنيَّ وأعْقَبُوني غُصَّةً ... بَعْدَ الرُّقادِ وعَبْرةً لا تُقْلِعُ
(٢) في الأصول: "النابغة"، وهو خطأ. والبيت للأعشى "ديوانه": (ص/ ١٣٧) والبيت فيه:
له صدقاتٌ ما تُغِبُّ ونائلٌ ... وليس عطاءُ اليومِ مانِعَهُ غدا
(٣) البيت في "الكتاب": (٣/ ١٥٩)، و"الخزانة": (٩/ ٣٢٨) غير منسوب.