للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يزيد هذا وضوحاً: الكلامُ على ما ذكره بعد هذه الآية من قوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ (ق/٣١ ب) وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥]، فإنَّه ذكر أخصَّ هذه الثلاثة، وهو الطواف الذي لا يُشْرَع إلا بالبيت خاصَّة، ثمَّ انتقل منه إلى الاعتكاف، وهو القيام المذكور في الحج (١)، وهو أعم من الطواف؛ لأنه يكون في كلِّ مسجدٍ، ويختصّ بالمساجد لا يتعدَّاها، ثمَّ ذكر الصلاة التي تعم سائر بقاع الأرض، سوى ما منع منه مانع أو اسْتُثْني شرعاً.

وإِن شئتَ قلتَ: ذكر الطواف الذي هو أقرب العبادات بالبيت، ثمَّ الاعتكاف الذي يكون في سائر المساجد، ثمَّ الصلاة التي تكون في البلد كلِّه، بل في كلِّ بُقعة، فهذا تمام الكلام على ما ذكره من الأمثلة، وله -رحمه الله- مزيد السَّبْق وفَضْل التقدُّم.

وابنُ اللَّبُوْنِ إِذَا مَا لُزَّ في قَرَنٍ ... لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيْسِ (٢)

* * *


(١) آية: ٢٦.
(٢) البيت لجرير، "ديوانه": (ص/ ٢٥٠).