للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: أصل هذه الزوائد "الياء"؛ بدليل كونها في الموضع الذي لا يحتاج فيه إلى الفرق بين مذكَّر ومؤنَّث، وهو فعل جماعة النساء، فإنك إذا قلت: النسوة يقمن، (ق/ ٣٤ أ) فالفرق حاصل بالنون.

وأيضا: فأصل الزيادة لحروف المدِّ واللين، والواو لا تزاد أولًا لئلا يشتبه بـ "واو" العطف، والألف يتعذَّر أولًا لسكونها، فلم يبق إلا "الياء" هي الأصل، فلما أريد الفرق كانت الهمزة للمتكلم أولى؛ لإشعارها بالضمير المستتر في الفعل؛ إذ هي أول حروف ذلك الضمير إذا برز، فلتكن مشيرة إليه إذا خَفِيَ. وكانت النون لفعل المتكلم أولى لوجودها في أول لفظ الضمير الكامن في الفعل إذا ظهر، فلتكن دالة عليه إذا خفي واستتر، وكانت "التاء" من "تفعل" للمخاطب لكونها في الضمير المستتر فيه، وإن لم تكن في أول اللفظ -أعني "أنت"- ولكنها في آخره، ولم يخصّوا بالدلالة (١) عليه ما هو في أول لفظه -أعني الهمزة- لمشاركته للمتكلم فيها وفي "النون"، فلم يبق من لفظ الضمير إلا "التاء" فجعلوها في أول الفعل عَلَمًا عليه وإيماءً إليه (٢).

فإن قيل: فكان يلزم على هذا أن تكون الزيادة في فعل الغائب هاء، لوجودها في لفظ ضمير الغائب إذا برز؟.

قيل: لا ضمير في الغائب (٣) في أصل الكلام وأكثر موضوعه؛ لأن الاسم الظاهر يُغني عنه، ولا يستتر ضمير الغائب حتى يتقدَّمه


(١) (ق): "في الدلالة".
(٢) ليست في (ق).
(٣) من قوله: "هاء، لوجودها ... " إلى هنا ساقط من (ق).