للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: ليس شيءٌ عن هذه الأشياء التي صُيِّرت حروفًا بعد أن كانت أسماء إلَّا وقد بقي فيها معنىً عن (ق/٣٧ ب) معانيها، كما بقي في "كاف" الخطاب معنى الخطاب، وفي "على" معني الاستعلاء فما بقي في "إذ" و"إذن" من معانيهما (١) في حال الاسمية؟.

فالجواب: أنك إذا قلتَ: "سأفعل كدا إذا خرج زيد"، ففعلك مرتبط بالخروج مشروط به، وكذلك إذا قال لك القائل: "قد أكرمتُك" فقلت: "إذن أُحْسِن إليك"، ربطتَ إحسانَكَ بإكرامه وجعلتَه جزاءً له؛ فقد بقي فيها طرفٌ عن معنى الجزاء و (٢) هي حرف، كما كان فيها معنى الجزاء وهي (٣) اسم.

وأما "إذ" من قوله تعالى: {إِذْ ظَلَمْتُمْ} ففيها معنى الاقتران بين الفعلين، كما كان فيها ذلك في حال الظرفية؛ تقول: "لأضربن زيدًا إذ شتمني"، فهي -وإن لم تكن ظرفًا- ففيها معنى الظرف، كأنك تُنَبِّهُهُ على أنك تجازيه على ما كان منه وقت الشتم، فإن لم يكن الضرب واقعًا في حاك الشتم، فله ردّ إليه وتنبيه عليه، فقد لاحَ لكَ قربُ ما بينها وبين "أنْ" التي هي للمفعول من أجله، ولذلك شبهها سيبويه بها في سَوَادِ كتابه (٤).

وعجبًا للفارسي حيث (٥) كاب ذلك عنه وجعلها ظرفًا! ثم تحيَّل


(١) العبارة في الأصول: "في إذا إذًا من معانيها" والمثبت من "النتائج".
(٢) (ق): "أو".
(٣) (ظ ود): "وهو".
(٤) ذكر محقق "النتائج" إنه لم يعثر على هذا القول في "كتاب سيبويه". وقد نسبه السهيليُّ لسيبويه -أيضًا- في كتابه "الروض الأُنف": (١/ ٢٨٦).
(٥) (ق): "كيف".