للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الجزءين ثالثًا (١) (ظ/٣٢ أ) ورابعًا أن يجمعوه على حدِّ التثنية، فقد تقدم السر في الجمع الذي على حدِّ التثنية، وأنه مقصود إلى آحاده على التعيين، فإن أرادوا الكثرة والجمع الذي لا يتعين آحاده؛ كأسماء الأجناس لم يحتاجوا إلى الجمع، فإن لفظ: "أرض" يأتي على ذلك كلِّه؛ لأنها كلها بالإضافة إلى "السماء" تحت وسفل، فعبر عنها بهذا اللفظ الجاري مجرى المصدر لفظًا ومعنى، وكأنه وصف لذاتها، لا عبارة عن عينها وحقيقتها؛ إذ يصلح أن يُعَبر به عن كلِّ ماله فوق، وهو بالإضافة إلى ما يقابله سُفل كما تقدم، فسماءُ كلِّ شيءٍ أعلاه، وأرضه أسفله، وتأمل كيف جاءت مجموعةً في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طُوِّقَهُ مِنْ سَبعْ أَرَضِيْن" (٢) لما اعتمد الكلام على ذات الأرضين وأنفسها على التفصيل والتعيين لآحادها، دون الوصف لها بتحت أو سُفل في مقابلة: "فوق وعُلوّ" فتأمله.

فإن قلت: فلمَ جمعوا السماء فقالوا: سموات، وهلَّا راعَوا فيها ما راعَوا في الأرض فإنها مقابلتها (٣)؟ فما الفرق بينهما؟.

قيل: بينهما فرقان؛ فرقٌ لفظي وفرقٌ معنوي.

أما اللفظي: فإن "الأرض" على وزن ألفاظ المصادر الثلاثية (٤)، وهو فَعْل كضَرْب، وأما "السماء" وإن كان نظيرُها في المصادر العلاء والجلاء فهي بأبنية الأسماء أَشْبه، وإنما الذي يماثل "الأرضَ" في


(١) (ظ): "بالياء"!.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٤٥٢)، ومسلم رقم (١٦١٠) من حديث سعيد بن زيد -رضي الله عنه-.
(٣) (ظ): "مقابلة".
(٤) (ظ ود): "الثلاثة".