للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعْجِزه أن يبدِّل هؤلاء، وينقل إلى أمكنتهم خيرًا منهم؟!.

وأيضًا: فإن تأثير مشارق الشمس ومغاربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمر فشهود، وقد جعل الله -تعالى- ذلك بحكمته سببًا لتبذُّل أجسام النبات وأحوالِ الحيوانات، وانتقالها من حالٍ إلى غيره، وتبدُّل الحَر بالبرد والبرد بالحر، والصيف بالشتاء والشتاء بالصيف، إلى سائر تبدلُّ أحوال الحيوان والنيات (١) والرياح والأمطار والثلوج، وغير ذلك من التبدلات والتغيرات الواقعة في العالم بسبب اختلاف مشارق الشمس ومغاربها، كل (٢) ذلك تقدير العزيز العليم، فكيف لا يقدر -مع ما يشهدونه من ذلك- على أن يبدل خيرًا منهم!! وأكد هذا المعنى (٣) بقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١)} [المعارج: ٤١]. فلا يليق بهذا الموضع: سوى لفظ (٤) الجمع.

ثم تأمل كيف جاءت -أيضًا- في سورة الصافات مجموعةً في قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥)} [الصافات: ٥] لما جاءت (ظ/ ٣٥ أ) مع جملة المربوبات المتعددة، وهي السموات والأرض وما بينهما؛ كان الأحسن مجيئها مجموعةً لينتظم مع ما تقدَّم من الجمع والتعدد. ثم تأمل كيف اقتصر على المشارق دون المغارب لاقتضاء الحال لذلك، فإن المشارق مظهر الأنوار، وأسباب انتشار الحيوان وحياته وتصرفه (٥) ومعاشه وانبساطه، فهو.


(١) (ق): "من النيات".
(٢) (ظ ود): "كان".
(٣) ليست في (ق).
(٤) (ظ ود): "لفظته".
(٥) (ق): "في".