للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد منهما بنفسه، فجاءوا بالوصلة التي توصلوا بها إلى وصف النكرة باسم الجنس وهي: "ذو"، فقالوا: "جاءني زيد ذو قام أبوه"، وهذه لغة طيء وهي الأصل.

ثم إن أكثر العرب لما رأوها اسمًا قد وصف بها المعرفة، أرادوا تعريفه ليتفق الوصف والموصوف في التعريف، فأدخلوا الألف واللام عليه، ثم ضاعفوا اللام، كيلا يَذْهب لفظها بالإدغام ويذهب ألف الوصل في الدَّرْج، فلا يظهر التعريف، فجاء منه هذا اللفظ تقديرًا: "الذو" فلما رأوا الاسم قد انفصل عن الإضافة حيث صار معرفة قلبوا "الواو" منه "ياءً"، إذ ليس في كلامهم "وأو" متطرِّفة مضموم ما قبلها إلا وتنقلب "ياء" كـ "أدلي وأحق"، فصار "الذي".

وإنما صحَّت الواو في قولهم: "ذو"؛ لأنها كانت في حكم التوسط؛ إذ المضاف مع المضاف إليه كالشيء الواحد.

وفي معنى "ذو" بمعنى (١) "الذي" طرف من معنى "ذا" التي للإشارة، لأن كلًّا منهما يَبِيْن بأسماء الأجناس، كقولك: "هذا الغلام وهذا الرجل"، فيتصل بها على وجه البيان، كما يتصل بها "ذو" على جهة الإضافة، ولذلك قالوا في المؤنث من الذي: "التي"، بالتاء، كما قالوا في المؤنث من "هذا": هاتا وهاتين (٢).

فإن قيل: فلِمَ أُعْرب "الذي" في حال التثنية؟.

قيل: لأن الألف التي فيه هي بعينها (٣) علامة الرفع في الأسماء المعربة، فدار الأمرُ بين ثلاثة أمور:


(١) (ظ ود): "وبمعنى".
(٢) كذا ولعلها: هاتي.
(٣) (ظ ود): "بعضها".