للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيث كان لفظه في الإعراب في أغلب أحواله كلفظه في البناء. وليس كذلك التثنية، لأن ياءَها مفتوح ما قبلها (١)، فلا يضارع لفظها في شيء من أحوالها لفظ الواحد.

وأما "النون" في "الذين" فلا اعتبار بها؛ لأنها ليست في الجمع ركنًا من أركان صيغته، لسقوطها في الإضافة وفي (٢) الشعر، كما قال:

* وإِنَّ الذي حَانَتْ بِفَلجٍ دِمَاؤهم (٣) *

هذا تعليل السُّهيلي (٤).

وعندي فيه علة ثانية وهي: أَن التثنية في "اللذين" خاصة من خواص الاسم، قاومت شَبَه الحرف، فتقابل المقتضيان فرجع إلى أصله (ق/ ٥١ ب) فأعرِب، بخلاف "الذين"، فإن الجمع وإن كان من خواص الأسماء؛ لكن هذه الخاصة ضعيفة في هذا الاسم؛ لنقصان دلالته مجموعًا عما يدل عليه مفردًا، فإن "الذي" يصلح للعاقل وغيره، و"الذين" لا يستعمل إلا للعقلاء خاصَّة، فنقصت دلالته فضعفت خاصية الجمع فيه فبقي موجب بنائه على قوَّته، وهذا بخلاف المثنَّى، فإنه يقال على العاقلين وغيرهما، فإنك تقول: "الرجلان اللذان لقيتهما" و"الثوبان اللذان لبستهما"، ولا تقول: "الثياب الذين لبستهم"، وعلى هذا التعليل فلا حاجة بنا إلى ركوب ما تعسَّفه -رحمه الله- من


(١) (ظ ود): "التثنية، تاءها مفتوحة"!.
(٢) (ظ ود): "من"، و"النتائج": "وفي ضرورة الشعر" ..
(٣) البيت لأشهب بن رميلة، وعجزه:
* هم القومُ كلُّ القوم يا أمَّ خالدٍ *
وهو من شواهد "الكتاب"، انظر: "الخزَانة": (٦/ ٢٥).
(٤) في "نتائج الفكر": (ص/١٧٩ - ١٨٠).