للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان العامُ الذي بعد عامك يُسَمَّى: قابلًا، فعامك الذي أنت فيه (١) (ظ/٤٣ أ) قبل، ولفظه من لفظى قابل، فقد بان لك من جهةِ اللفظ والمعنى أن "قل" مصدر في الأصل، والمصدرُ كسائر الأسماء لا يكَفُّ به، ولا يُهَيأ لدخول الجمل بعده، وإنما ذلك في بعض الحروف العوامل، لا في شيءٍ من الأسماء. وأما "بعدُ"؛ فهي أبعد عن شبه المصدر، وإن كانت تقرب من لفظ [البُعد] ومن معناه، فليس قربها من لفظ المصدر كقرب "قبل"، ألا ترى أنهم لم يستعملوا من لفظها اسمَ فاعل، فيقولون للعام الماضي: الباعد، كما قالوا للمستقبل: القابل.

فإن قلت (٢): فما تقول في قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} [البقرة: ١٥١] وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٩٨] وقوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ} [القصص: ٧٧]؛ فإنها لا يمتنع فيها تقدير المصدر في هذه المواضع كلِّها، فهل هي كافة (٣) مُهَيئة أو مصدرية؟.

قلت: التحقيق أنها كافة لحرف التشبيه عن عمله، مُهَيئة لدخوله على الفعل، ومع هذا فالمصدر ملحوظ فيها وإن لم تكن مصدريةً مَحْضة، ويدل على أن "ما" لا تقع مصدرية على حَدِّ "أنْ": أنك تجدها لا تصلح في موضع تصلح فيه "أنْ"، فإذا قلتَ: "أريد أن تقوم" كان مستقيمًا، فلو قلتَ: "أريدُ ما تقوم" (ق/٥٨ ب) لم يستقِمْ، وكذلك: "أحب أن تأتيني"، لا تقول في (٤) موضعه: "أحب ما تأتيني ".


(١) سقطت من (ق).
(٢) "فإن قلت "سقطت من (د).
(٣) سقطت من (ظ ود).
(٤) من (ق).