للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قلت: "ضربتُ أيهم قام"، لم تكن إلا موصولة ولا يصح أن يقال: "ضربت الذي يقال فيه: أيهم قام"، وإنما توهم مثل ذلك لكون اللفظ صالحًا لجهة أخرى مستقيمة، فيتوهم مُتَوهِّم أن حَمْله على الجهة الأخرى (ظ/٤٦ ب) يستقيم. والذي يدل عليه: أنه لو قَدَّرت موضعه استفهامًا صريحًا ليس له جهةٌ أخرى لم يَجُز.

فلو قلت: "ضربت أزيد عندك أم عَمْرو"، لم يجز، بخلاف: "ضربت أيهم عندك"، فلو كان "أيهم" استفهامًا" لجاز الكلام مع الاستفهام الذىِ بمعناهما، وإنما لم يقع الاستفهام إلا بعد أفعال العلم والقول؛ أما القول؛ فلأنه يُحْكى به كلُّ جملةٍ خبرية كانت أو إنشائية، وأما أفعال العلم! فإنما وقع بعدها الاستفهام لكون الاستفهام مُسْتَعْلَمًا به، فكأنك إذا قلتَ: "أريد عندك أم عمرو كان معناه: أَعْلِمْني.

وإذا قلت: "علمتُ أريد عندك أم عَمْرو"، كان معناه: أعْلِمْني ما تطلب استعلامه، فلهذا صحَّ وقوع الاستفهام بعد العلم! لأنه استعلام، ثم حمل الحسبان (١) والظن عليهما لكونهما من بابه. ووجه آخر وهو: كثرة استعمال أفعال العلم، فجُعِل لها شأن ليس لغيرها.

السادس: أن هل الحذف الذي قَدَّره في الآية، حَذْف لا يدل عليه سياق، فهو مجهول الوضع، وكلُّ حذف كان بهذه المنزلة كان تقديره من باب عِلْم الغيب.

وأما قول (ق/ ٦٣ أ) يونس، فإشكاله ظاهر، فإن التعليق إنما يكون في أفعال القلوب، نحو العلم والظن والحسبان (٢) دون غيرها. ولا


(١) (ظ): "الحساب".
(٢) (ظ): "الحساب".