للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أراد حكاية لفظ الاستفهام الذي هو أصل في "أي" كما تحكيه بعد العلم إذا قلت: "قد علمتُ من أخوك"؟ و: "أقامَ زيد أم قَعَد"؟ فقد تركت الكلام على حاله قبل دخول الفعل، لبقاء معنى الاختصاص والتعيين في "أي" الذي كان موجودًا فيها وهي استفهام؛ لأن ذلك المعنى هو الذي وُضِعَت له استفهامًا كانت أو خبرًا، كما حكوا لفظ النداء في قولهم: "اللهم اغفر لي أيها الرجل" و"أرحمنا أيتها العصابة"، فنحكي لفظ هذا إشعارًا بالتعيين والاختصاص الموجود في حال النداء. وكذلك هذا، حكيت حاله في الاستفهام وإن ذهب الاستفهام، كما حكيتَ حاله في النداء وإن ذهبَ النداء (١)، لوجود معنى الاختصاص والتعيين فيه.

قال: وقول يونس: "إن الفعل ملغًى" حق، وإن لم يكن من أفعال القلب، وعِلَّة إلغائه ما قدمناه من حكاية لفظ الاستفهام للاختصاص.

فإذا أتممت لفظ الصِّلة (٢) وقلت: "ضربت أيهم هو (٣) أخوك"، زالت مضارعة الاستفهام، وغلبَ فيه معنى الخبر (ظ/ ٤٧ أ) لوجود الصِّلة التامة بعده.

قال: وأما قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] وإجماعهم على أنها منصوبة بـ "ينقلبون" لا بـ "سيعلم". وقد كان يتصوَّر فيها أن تكون منصوبة بـ "سيعلم" (ق/٦٣ ب) على جهة الاستفهام، ولكن تكون موصولة، والجملة صِلَتها، والعائد محذوف.


(١) من قوله: "وكذلك هذا .. " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) (ظ ود): "العلة".
(٣) من (ق).