للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الكُمَيْت:

* وتأيَّ إِنَّكَ غَيْرُ صَاغِرْ (١) *

ومنه "إياكَ" في المضمرات، لأنه في أكثر الكلام مفعول مقدم، والمفعول إنما يتقدم على فعله قصدًا إلى تعيينه، وحرصًا على تمييزه (٢) من غيره، وصرفًا للذِّهن عن الذهاب إلى غيره، ولذلك تقدم في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؛ إذ الكلام وارد في معرض الإخلاص وتحقيق الوحدانية ونفي عوارض الأوهام عن التعلق بغيره، ولهذا اختصت "أي" بنداء ما فيه "الألف واللام" تمييزًا له وتعيينًا، وكذلك (٣): أَي زيد، ومنه: إياك المراءَ والأسدَ (٤)، أي: مَيِّز نفسك وأَخْلصها عنه، ومنه: وقوع "أي" تفسيرًا، كقولك: "عندي عِهن"، أي: صُوْف.

وأما وقوعها نعتًا لما قبلها، نحو: "مررت برجلٍ أَيُّ رجل"، فإنما تدرَّجْتَ إلى الصفةِ من (٥) الاستفهام، كأن الأصل: أيُّ رجل هو؟ على الاستفهام الذي يراد به التفخيم والتهويل، وإنما دخله التفخيم؛ لأنهم يريدون إظهار العجز والإحاطة لوصفه، فكأنه مما


(١) وصدره كما في "ديوانه": (١/ ٢٢٥):
* قِفْ بالدِّيارِ وُقُوفَ زَائِرْ *
وانظر: "الشعر والشعراء": (ص/ ٢٩٠)، وقال: إنه كان يسرق الشعر، وهذا البيت مما سوقه من امرئ القيس وغيَّر القافية.
(٢) (ق): "تميزه" و "النتائج": "تبيينه".
(٣) العبارة في "النتائج": "ولذلك صُيّر بعض لفظها حرفًا من حروف النداء في قولك: ... ".
(٤) (ق): "المراد الأسد" ولعل ابن القيم أراد الشاهد: فإياك إياك المراء فإنه ... ، وقوله: والأسد، أي: وإياك الأسدَ.
(٥) (ق): "من الصفة إلى".