للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمقتضيه، فالأمر كلُّه مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حَسَن (١)، لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كلُّه مصلحَة وحِكْمة ورحمة ولطفٌ وإحسان، إذ مصدره أسماؤه الحسنى، وفعله كله لا يخرج عن العَدْل والحكمة، والمصلحة والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى، فلا تفاوت في خَلْقِه ولا عَبَث، ولم يخلق خلْقَه باطلًا ولا سدًى ولا عَبَثًا، وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود من سِواه تابعٌ لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم به -تعالى- أصل للعلم بكلِّ ما سواه، فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي للمخلوق أحْصَى جميعَ العلوم؛ إذ إحصاءُ أسمائه أصل لإحصاء كلِّ معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى؛ ولهذا لا تجد فيها خللًا ولا تفاوتًا، لأن الخللَ الواقع فيما يأمر به العبدُ أو يفعله: إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته. وأما الرب -تعالى- فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خللٌ ولا تفاوت ولا تناقض.

الحادي عشر: أن أسماءه كلَّها حُسْنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلًا، وقد تقدَّم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل، نحو: الخالق والرزَّاق والمحيي والمميت، وهذا يدلُّ على أن أفعاله كلَّها خيرات محضة لا شرَّ فيها، لأنه لو فعل الشر لا شْتُق له منه اسمٌ، ولم تكن أسماؤه كلُّها حسنى، وهذا باطل، فالشرُّ ليس إليه، فكما لا


(١) (د): "مصدر حسن".