للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: "فيفتحُ عليَّ من مَحامِدِه بما لا أُحْسِنُه الآن" (١) وتلك المحامد هي (٢) بأسمائه وصفاته - تبارك وتعالى-. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحْصِي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثْنيْتَ على نَفْسِك" (٣). وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لله تسعةً وتسعينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الجنةَ" (٤) فالكلامُ جملة واحدة. وقوله: "مَن أَحْصَاها دَخَلَ الجنْةَ" صفةٌ لا خبر مستقبل.

والمعنى: له أسماء متعددة، مِن شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له تعالى أسماء غيرها. وهذا كما تقول: لفلان مئة مملوكٍ. قد أعدهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون الغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه.

السَّابع عشر: أن أسماءه -تعالى- منها ما يُطلق عليه مفردًا ومقترنًا بغيره وهو غالب الأسماء، كالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم، وهذا يسوغ (ظ/ ٥٠ أ) أن يدعى به مفردًا ومقترنًا بغيره، فتقول: يا عزيز يا حكيم، يا غفور يا رحيم، وأن يفرد كلُّ اسم، وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه به (٥) يسوغ لك الإفراد والجمع.

ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقرونًا بمقابله؛ كالمانع والضار والمنتقم، فلا يجوز أن يُفرد هذا عن مقابله، فإنه مقرونٌ بالمعطي


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٤ - ومواضع أخرى)، ومسلم رقم (١٩٣) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-. ولفظه: "فأحمده بمجاهد لا أقدر عليها الآن".
(٢) تحتمل قراءتها في (ظ): "تفي".
(٣) أخرجه مسلم رقم (٤٨٦) وغيره من حديث عائشة- رضي الله عنها -.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٢٧٣٦)، ومسلم رقم (٢٦٧٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٥) (ظ ود): "وبه".