للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكقولهم: "مَهْيَم" في: ما هذا يا امرؤ؟ و"أَيْشٍ" في: أيُّ شيءٍ؟ و"م الله" في: أيمن اللهْ.

ومن هذا الباب: خروف التهجِّي في أوائل السور.

وقد رأيتُ لابن فْوْرَك (١) نحوًا من هذا في اسم الله، قال: الحكمة في وجود الألف في أوله: أَنها من أقصى مخارج الصوت قريبًا من القلب الذي هو محل المعرفة إليه، ثم الهاء في آخره مخرجها من هناك أيضًا؛ لأن المبتدأ منه والمعاد إليه (ق / ٧٢ ب)، والإعادة أهونُ من الابتداء، وكذلك لفظ الهاء أهون (٢) من لفظ الهمزة. هذا معنى كلامه، فلم نقُل ما قلناه في المضمرات إلا اقتضابًا من أصول أئمة النحاة (٣) واستنباطًا من قواعد اللغة.

فتأمَّل هذه الأسرار ولا يُزَهِّدَنَّك فيها نُبُوُّ (٤) طباع أكثر الناس عنها، واشتغالهم (٥) بظاهرٍ من الحياة الدنيا عن الفِكْرَ فيها والتنبيه عليها؛ فإني لم أفحص عن هذه الأسرارِ وخَفِيِّ التعليل في الظواهر والإضمار، إلا قصدًا للتفكُّر والاعتبار في حكمة من خَلَقْ الإنسانَ وعلَّمه البيان. فمتى لاحَ لكَ من هذه الأسرار سِرٌّ، وكَشَفَ لك عن


(١) هو: أبو بكر محمد بن الحسن بن فُوْرَك الأصبهاني المتكلِّم صاحب التصانيف ت (٤٠٦).
انظر: "وفيات الأعيان": (٤/ ٢٧٢)، و"السير": (١٧/ ٢١٤).
(٢) تحرفت في (ظ ود): "وكذلك لفظًا أهون".
(٣) في "النتائج": "إلا اقتضابًا من أصول السلف" فحذفها المؤلف وأثبت ما ترى، وفيه لفتة لا تخفى.
(٤) سقطت من (ق).
(٥) (ظ): "واستغناؤهم".