للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاسم المنعوت، فإنما ارتفع أو انتصب من حيث كان هو الأول في المعنى، لا من حيثُ كان الفعل عاملاً فيه؛ وكيف يعمل فيه وهو لا يدل عليه، إنما يدلُّ على فاعل أو مفعول أو مصدر دلالةً واحدةً من جهة اللفظ.

وأما الظروف فمن دليل آخر. قال السُّهَيْلي: "وإلى هذا أذهب، وليس فيه نقض لما منعه سيبويه من الجمع بين نعتي الاسمين المتفقين في الإعراب إذا اختلف العامل فيهما؛ لأن العاملَ في النعت -وإن كان معنويًّا (١) - فلولا العامل في المنعوت لما صحَّ رفع النعت ولا نصبه، فكأنَّ الفعل هو العامل في النعت، فامتنع اشتراك عاملين في معمولٍ واحد، وإن لم يكونا عاملين فيه في الحقيقة ولكنهما عاملان فيما هو هو في المعنى.

وإنما قوي عندنا هذا القول الثاني لوجوه، منها: امتناع تقديم النعت على المنعوت، ولو كان الفعلُ عاملاً فيه لما امتنع أن يليه معموله، كما يليه المفعول تارة والفاعل أخرى، وكما يليه الحال والظرف، ولا يصح أن يليه ما عمل فيه غيره، لو قلت: "قام زيدًا ضارب تريدُ: ضارب زيدًا، أو: "ضربتُ عمرًا رجلاً ضاربًا تريد: ضربت رجلاً ضاربًا (٢) عمرًا، لم يَجُز، فلا يلي العامل إلا ما عمل فيه، فلذلك لا يلي "كان" إلا ما عملت فيه، وكذلك نقول: خبر "إن" المرفوع ليس بمعمول لـ "إن"، وإنما هو على أصله في باب المبتدأ، ولولا ذلك لجاز أن يليها، وإنما وليها إذا كان مجرورًا؛ لأنها ممنوعة من العمل فيه بدخول حرف الجر، مع أن المجرور


(١) سقطت من (ظ ود).
(٢) "تريد ضربت رجلاً ضاربًا" سقطت من (د).