صار بمنزلة الفعل العامل، فإنه لا يتحمل الضمير إلا وهو بمنزلة الفعل أو ما أشبهه، وإذا صار بمنزلة الفعل وهو مقدَّم وجب أن يتجرَّد عن الضمير قضاءً لحق التشبيه بالفعل وقيامه مقامه، فتعدِّي الضميرَ فيه ينافي تقديره.
فإن قيل: إنما قدرنا فيه الضمير الذي كان يستحقه وهو خبر، فلما قُدِّم وفيه ما يستحقه من الضمير، بخلاف ما إذا كان عاملاً محضًا؟.
قيل: فهلَاّ قدرتَ مثل هذا في: زيد قام، أنه يجوز أن يقدم "قام"، وتقول: قام زيد، ويكون مبتدأ وخبرًا! فلما أجمع النحاةُ على امتناع ذلك وقالوا: لا يجوز تقديم الخبر هنا؛ لأنه لا يُعْرف هل المسألة من باب الابتداء والخبر، أو من باب الفعل والفاعل. وكذلك ينبغي في نائب الفعل من الظرف سواء فتأمله.
وأما المقام الثالث: وهو ما (١) ذكره من الدور؛ فالدور أربعة أقسام: دَوْر حُكْمي، ودور عِلْمي، ودور مَعِي، ودور سَبْقي تقدُّمي.
فالحكمي: توقف ثبوت حكمين كل منهما على الآخر من الجهة التي توقف الآخر منها، وأخص من هذه العبارة: توقف كلٍّ من الحكمين على الآخر من جهةٍ واحدة.
والدور العلمي: توقف العلم بكل من المعلومين على العلم بالآخر.
والإضافي المعي: تلازم شيئين في الوجود لا يكون أحدهما إلا مع الآخر.