للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الكلام إنما يُضاف إلى المتكلِّم به.

ومثل هذا: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: ١٣]، ومثله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢]، ومثله: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤٢] فاستمسك بحرف "من" في هذه المواضع فإنه يقطع شَغَب (١) المعتزلة والجهمية.

وتأمل كيف قال تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ} ولم يقل: تنزيله، فتضمنت الآية إثبات علوه وكلامه (٢) وثبوت الرسالة، ثم قال تعالى: {الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)}، فتضمَّن هذان الاسمان صفتي القدرة والعلم، وخلق أعمال العباد، وحدوث كل ما سوى الله؛ لأنَّ القدر (٣) هو قدرة (ظ/٥٨ أ) الله كما قال أحمد بن حنبل، فتضمنت إثبات القَدَر، ولأن عزته تمنع أن يكون في ملكه ما لا يشاؤه، أو أن يشاء ما لا يكون، فكمال عِزَّته تُبطل ذلك.

وكذلك كمال قدرته توجب أن يكون خالق كل شيءٍ، وذلك ينفي أن يكون في العالم شيء قديم لا يتعلق به خلقه؛ لأن كمالَ قدرته وعزته يبطل ذلك.

ثم قال تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}، والذنب مخالفة شرعه وأمره، فتضمن هذان الاسمان إثبات شرعه وإحسانه وفضله، ثم قال: {شَدِيدِ الْعِقَابِ}، وهذا جزاؤه للمذنبين، وذو الطول (٤) جزاؤه


(١) (ق): "حُجج شغب".
(٢) (ق): "ومكانه".
(٣) (ظ ود): "القدرة".
(٤) من قوله: "هذان الاسمان ... " إلى هنا ساقط من (ق).