وأيضًا؛ فلأن اقتران "أم" بسائر أدوات النفي غير الهمزة يُفْسد معناها، فإنك إذا قلتَ: كيف زيد، فأنت سائل عن حاله، فإذا قلت: أم عَمْرو، كان خَلْفًا من الكلام، وكذلك إذا قلتَ: من عندك، فأنت سائل عن تعيينه، فإذا قلتَ: أم عَمْرو، فسد الكلام، وكذلك الباقي.
وأيضًا؛ فإنما عادَلَت الهمزة دون غيرها؛ لأن الهمزة من بين حروف الاستفهام تكون للتقرير والإثبات، نحو: ألم أُحْسِن إليك؟، فإذا قلت: أعندك زيد أم عَمْرو، فأنت (ظ/٦١ أ) مُقِر بأن أحدهما عنده، ومثبت لذلك، وطالب تعيينه، فأتوا بالهمزة التي تكون للتقرير دون "هل" التي لا تكون لذلك، إنما يستقبل بها الاستفهام استقبالاً.
وسرُّ المسألة: أن "أم" هذه مُشْرَبة معنى أي، فإذا قلت:"أزَيْد عندك أم عَمْرو"؟، كأنك قلت:"أيّ هذين عندك"، ولذلك يتعيَّن الجواب بأحدهما أو بنفيهما أو بإثباتهما. ولو قلت:"نعم" أو "لا"، كان خَلْفًا من الكلام، وهذا بخلاف "أو"، فإنك إذا قلتَ:"أزيد عندك أَو عَمْرو"، كنت سائلاً عن كون أحدهما عنده غير معين، فكأنك قلت:"أعندك أحدهما"، فيتعين الجواب بـ "نعم" أو "لا".
وتفصيل ذلك: أن السؤال على أربع مراتب في هذا الباب،