للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخاطبين (١) أن "كلًّا" إذا تقدمت تقتضي الإحاطة بالجنس، وإذا تأخرت -وكانت توكيدًا- اقتضت الإحاطة بالمؤكد خاصة جنسًا شائعًا كان أو معهودًا معروفًا.

وأما قوله تعالى: {كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [النحل: ٦٩] ولم يقل: من الثمرات كلها، ففيها الحكمة التي في الآية قبلها، ومزيد فائدة وهو أنه [قد] (٢) تقدمها في النظم قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ} [النحل: ٦٧]، فلو قال بعدها: "كلي من الثمرات كلها"، لذهب الوهم إلى (٣) أنه يريد الثمرات المذكورة قبل هذا، أعني {ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ}؛ لأن [الألف و] اللام إنما تنصرف إلى المعهود، فكان الابتداء بـ "كل" أحصن للمعنى، وأجمع للجنس، وأرفع للبس، وأبدعَ في النظم، فتأمله.

وإذا قُطعت عن الإضافة وأُخبر عنها؛ فحقُّها أن تكون ابتداءً، ويكون خبرها جمعًا، ولابدَّ من مذكورين قبلها؛ لأنها إن لم يُذكر قبلها جملة ولا أُضِيْف إلى جملة (٤) بَطل معنى الإحاطة فيها، ولم يُعقل لها معنى. وإنما وجب أن يكون خبرها جمعًا؛ لأنها اسم في معنى الجمع فتقول: "كل ذاهبون" إذا تقدم ذكر قوم؛ لأنك معتمد في المعنى عليهم، وإن كنت مخبرًا عن "كل"، فصارت بمنزلة قولك: الرهط ذاهبون، والنفر منطلقون، لأن الرهط والنفر اسمان مفردان، ولكنهما في معنى الجمع والشاهدُ لما قلناه قوله سبحانه وتعالى:


(١) "لعلم المخاطبين" سقطت من (د).
(٢) من "النتائج"، و (ق): "إذا".
(٣) من نص الآية إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) "ولا أضيفت إلى جملة، ساقط من (ق).