للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: هذا يبطل بتوكيد الجمع والتثنية بهما، وكما لا يُنعت الجمع والمثنى بالواحد، فكذلك لا يؤكد به بطريق الأولى؛ لأن التوكيد تَكْرار للمؤكد بعينه، بخلاف النَّعت فإنه غيره (١) بوجه.

والمعول عليه لمن نصر مذهب سيبويه على الحجة الأولى، على ما فيها وعلى معارضتها بتوكيد الاثنين، و"كلا" والمثنى لا يؤكد بالمفرد كما قررناه.

فإن قيل: الجواب عن هذا أن "كلا" اسم للمثنى، فحسن التوكيد به وحصلت المطابقة باعتبار مدلوله، وهو المقصود من الكلام فلا يضر إفراد اللفظ.

قيل: هذا يمكن في الجمع أن يكون لفظه واحدًا ومعناه جمعًا؛ نحو: كل، وأسماء الجموع كرهط وقوم؛ لأن الجموع قد اختلفت صورها أشد اختلاف، فمذكر ومؤنث ومُسَلَّم ومكسر، على اختلاف ضروبه، وما لفظه على لفظ واحِدِه، كما تقدَّم بيانه، فليس ببدع أن يكون صورة اللفظ مفردًا ومعناه جمعًا، وأما التثنية فلم تختلف قط، بل لزمت طريقة واحدة أين وقعت، فبعيد جدًّا بل ممتنع أن يكون منها اسم مفرد معناه مثنى، وليس معكم إلا القياس على الجمع.

وقد وضحَ الفرقُ بينهما، فتعيَّن أن تكون "كلا" لفظًا مثنى ينقلب ألفه ياء مع المضمر دون المظهر؛ لأنك إذا أضفته إلى ظاهر استغنيت عن قلب ألفه ياء بانقلابها في المضاف إليه، لتنزله منزلة الجزئية لدلالة اللفظ على مدلول؛ واحد لأن "كلا" هو نفس ما يضاف إليه، بخلاف قولك: "ثوبا الرجلين، وفرسا الزيدين"، فلو قلت: "مررت


(١) (ظ): "عنه" و "المنيرية": "عينه"، وسقطن من (د).