للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فلِمَ رجعَ الضمير إليها بلفظ الإفراد إذا كانت مثناة؟.

قيل: لما تقدم من رجوع الضمير على "كل" كذلك، إيذانًا بأن الخبر عن كل واحد واحد، فكأنك قلتَ: كل واحد من الرجلين قام. وفيه نكتة بديعة، وهي: أن عَوْد الضمير بلفظ الإفراد أحسن؛ لأنه يتضمَّن صدور الفعل عن كل واحد، منفردًا به ومشاركًا للآخر.

فإن قيل: فلم كُسِرت الكاف من "كِلا" وهي من "كل" مضمومة؟.

قيل: هذا لا يلزمهم؛ لأنهم لم (١) يقولوا: إنها لفظة "كل" بعينها، ولهم أن يقولوا: كُسِرت تنبيهًا على معنى الاثنين، كما يبتدأ لفظ (٢) الاثنين بالكسر، ولهذا كسروا العين من "عِشرين" إشعارًا بتثنية "عشر". ومما يدل على صحة هذا القول -أيضًا- أن "كِلتا" بمنزلة قولك: "ثِنتا"، ولا خلاف أن ألف "ثنتا" ألف تثنية، فكذلك ألف "كِلتا". ومن ادعى أد الأصل فيهما "كلواهما" فقد ادعى ما تستبعده العقول، ولا يقوم عليه برهان.

ومما يدل -أيضًا- على صحته: أنك تقول في التوكيد: "مررتُ بإخوتك ثلاثتهم وأربعتهم"، فتؤكد بالعدد، فاقتضى القياس أن تقول -أيضًا- في التثنية كذلك: "مررت بأخويك (٣) اثنيهما"، فاستغنوا عنه بكليهما لأنه في معناه، وإذا كان كذلك فهو مثنى مثله.

فإن قيل: فإنك تقول: "كلا أخويك جاء"، ولا تقول: "أثنا أخويك جاء"، فدل على أنه ليس في معناه؟.


(١) سقطت من (ق).
(٢) (ق): "يفيد اللفظ".
(٣) من قوله: "ثلاثتهم ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).