للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسدود غير الموصل، ومن تأمل موارد الصراط في لسانهم واستعمالهم تبين له ذلك قال [جرير] (١):

أَميرُ المؤمنينَ على صِرَاطٍ ... إذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيمِ

وبنوا الصراط على زِنَة "فِعَال"؛ لأنه مشتمل على سالكه اشتمالَ الحَلْق على الشيء المسروط، وهذا الوزن كثير في المشتملات على الأشياء، كاللِّحاف والخِمار والرِّداء والغِطاء والفِراش والكِتاب، إلى سائر الباب، وهذا الوزن (٢) يأتي لثلاثة معان (٣) أحدها: المصدر، كالقِتال والضِّراب، والثاني: المفعول، نحو: الكِتاب والبِناء والغِراسَ (٤)، والثالث: أن يُقْصَد به قصد الآلة التي يحصل بها الفعل ويقع بها، كالخِمار والغِطاء والسِّداد، لما يُخمَّر به ويُغطَّى ويُسدّ به، فهذا آلة محضة، والمفعول هو الشيء المخمَّر والمغطَّى والمسدود، ومن هذا القسم الثالث "إله" بمعنى مألوه.

وأما ذكره له بلفظ الطريق في سورة الأحقاف خاصة، فهذا حكاية الله تعالى لكلام مؤمني الجن أنهم قالوا لقومهم: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)} [الأحقاف: ٣٠] وتعبيرهم عنه هاهنا بالطريق فيه نُكتة بديعة، وهي: أنهم قَدَّموا قبله ذكر موسى، وأن الكتاب الذي سمعوه


(١) من "المنيرية"، انظر "ديوانه": (ص/ ٤١١)، من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك.
(٢) من قوله: "كثير في ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٣) (ق): "أمور".
(٤) (ق): "الفراش والبناء".