للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء: ٦٩]، فخصَّ هؤلاء بالإنعام، فدلَّ على أن غيرهم غير مُنْعَم عليهم، وبقوله لعباده المؤمنين: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٥٠] وبأن الإنعام ينافي الانتقام والعقوبة، فأيُّ نعمةٍ على من خُلِقَ للعذاب الأبدي. ومن مثبت يحتجُّ بقوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]، وبقوله لليهود: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٤٧]، وهذا خطاب لهم في حالِ كُفْرهم، وبقوله: في سورة النعم وهي سورة النحل التي عَدَّد فيها نِعَمه المشتركة على عباده من أولها إلى قوله: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (٨٣)} [النحل: ٨١ - ٨٣] وهذا نصٌّ صريح: لا يحتمل صرفًا.

واحتجوا بأن البَرَّ والفاجر، والمؤمن (١) والكافر كلُّهم يعيش في نعمة الله. وكلُّ أحد مُقِر لله تعالى بأنه إنما يعيش في نعمته، وهذا معلوم بالاضطرار عند جميع أصناف بني آدم إلا من كابَرَ وجَحَد حقَّ الله تعالى وكفر بنعمته (٢).

وفَصْل الخطاب في المسألة: أن النعمة المطلقة مختصَّة بأهل الإيمان لا يشركهم فيها (٣) سواهم، ومُطْلق النعمة عام للخليقة كلِّهم برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، فالنعمة المطلقة التامة هي: المتصلة بسعادة الأبد وبالنعيم المقيم، فهذه غير مُشْتَركة، ومطلق النعمة: عامٌّ


(١) سقطت من (ظ).
(٢) من قوله: "وهذا معلوم ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٣) (ق): "ويشركهم فيما".