للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألصقه بها، فإن ذلك هو الوصف الغالب عليها، وهذا مُطابق لوصف الله اليهودَ بالغضب في القرآن، والنصارى بالضلال، فهو تفسير للآية بالصفة التي وصفهم بها في ذلك الموضع.

أما: اليهود؛ فقال تعالى في حقهم: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)} [البقرة: ٩٠] وفي تَكْرار هذا الغضب هنا أقوال:

أحدها: أنه غَضَب متكرِّر في مقابلة تكرُّر كفرهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والبغي عليه ومحاربته، فاستحقوا بكفرهم غضبًا، وبالبغي والحرب. والصدِّ عنه غضبًا آخر. ونظيره قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨] فالعذاب الأول بكفرهم، والعذاب الذي زادهم إياه بصدِّهم الناسَ عن (١) سبيله.

القول الثاني: أن الغضب الأول بتحريفهم وتبديلهم وقتلهم الأنبياء، والغضب الثاني بكفرهم بالمسيح (٢).

والقول الثالث: أن الغضب الأول بكفرهم بالمسيح، والغضب الثاني بكفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

والصحيح في الآية: أن التَّكْرار هنا ليس المراد به التثنية التي تَشْفع الواحد، بل المراد غضبٌ بعد غضبٍ، بحسب تكرُّر كفرهم، وإفسادهم، وقتلهم الأنبياء، وكفرهم بالمسيح، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعاداتهم لرسل الله،


(١) من قوله في الآية: {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... } إلى هنا ساقط من (ق ود).
(٢) القول الثاني سقط من (د).