للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعطوف عليه؟ ففي ذلك أربع فوائد:

أحدها: أن ذِكْرها تأكيد للنفي الذي تضمَّنه "غير"، فلولا ما فيها من معنى النفي لما عُطِفَ عليها بـ "لا" مع "الواو" فهو في قوة: "لا المغضوب عليهم ولا الضالين"، أو: "غير المغضوب عليهم وغير الضالين".

الفائدة الثانية: أن المراد المغايرة الواقعة بين النوعين وبين كلِّ نوع بمفرده، فلو لم يذكر "لا" وقيل: "غير المغضوب عليهم والضَّالين"، أَوْهَمَ أن المراد ما غايَر المجموعَ المركبَ من النوعين لا ما غايَر كلَّ نوع بمفرده، فإذا قيل: "ولا الضالين"، كان صريحًا في أن المراد: صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء. وبيان ذلك أنك إذا قلت: ما قام زيدٌ وعَمْرو، فإنما نفيت القيام عنهما ولا يلزم من ذلك نفيه عن كلِّ واحد منهما بمفرده، فإذا قلت: "ما قام زيد ولا عَمْرو"، كان صريحًا في تسليط النفي على كلِّ واحدٍ منهما بمفرده (١).

الفائدة الثالثة (٢): رفع توهم أن "الضالين" وصف للمغضوب عليهم، وأنهما صنف واحد وُصِفُوا بالغضب والضلال، ودخل العطف بينهما كما يدخل في عطف الصفات بعضِها على بعض، نحو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣)} [المؤمنون: ١ - ٣] إلى آخرها، فإن هذه صفات للمؤمنين، ومثل قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣)} [الأعلى: ١ - ٣] ونظائره،


(١) من قوله: "بمفرده فإذا ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) لم يذكر المؤلف الفائدة الرابعة.