للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى جواب عامٍّ يقتضي تعليق الحكم والطهورية بنفس مائة من حيث هو، فأفاد استمرار الحكم على الدوام وتعلقه بعموم الآية، وبطل توهُّم قصره على السبب، فتأمله فإنه بديع.

فكذلك (ظ/ ٨١ ب) في الآية لما قال: {قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ}، فجعلَ الخبر بـ"كبير" واقعًا على "قتال فيه" فتعلَّق الحكمُ به على العموم، ولفظ المضمر لا يقتضي ذلك.

وقريب من هذا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)} [الأعراف: ١٧٠] ولم يقل: أجرهم، تعليقًا لهذا الحكم بالوصف، وهو كونهم مصلحين، وليس فى الضمير ما يدلُّ على الوصف المذكور.

وقريبٌ منه -وهو ألطف معنى- قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] ولم يقل: "فيه" تعليقًا لحكم الاعتزال بنفس الحيض، وأنه هو سبب الاعتزال. وقال تعالى: {قُلْ هُوَ أَذًى} ولم يقل (١): الحيض أذى، لأنه جاءَ به على الأصل (٢)؛ ولأنه لو كرره لثقل اللفظ به لتكرره ثلاث مرات، وكان ذِكْره بلفظ الظاهر في الأمر بالاعتزال أحسن من ذِكْره مضمرًا، ليفيد تعليق الحكم بكونه حيضًا، بخلاف قوله: {قُلْ هُوَ أَذًى}، فإنه إخبارْ بالواقع، والمخاْطَبون يعلمون أن جهةَ كونه أذَى هو نفس كونه حَيْضاً، بخلاف (ق/ ١٠٧ أ)، تعليق الحكم به فإنه إنما يُعلم بالشرع فتأمله.


(١) من قوله: "فيه تعليقًا .. " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) (ظ ود): "إذ الآية جارية على الأصل".