للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قلت: "علمتُ" فمطلوبها ثلاثة معان محلُّ، وصفةٌ، وإضافةُ الصحفة إلى المحل؛ وهي ثلاث معلومات متميزة (١)، إذا عرفت هذا؛ فقال بعض المتكلمين: لا يضاف إلى الله -سبحانه- إلا العلم لا المعرفة؛ لأن علمه متعلِّق بالأشياء كلها مركبها ومفردها تعلُّقًا واحدًا، بخلاف علم المُحْدَثين فإن معرفتهم بالشيء المفرد وعلمهم به غير علمهم ومعرفتهم بشيء آخر.

وهذا بناء منه على أن الله تعالى يعلم المعلومات كلها بعلمٍ واحد، وأن علمه بصدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو عين علمه بكذبِ مسيلمة، والذي عليه محققو النظار خلاف هذا القول، وأن العلومَ متكثَّرة متغايرة بتكثُّر المعلومات وتغايرها، فلكلِّ معلومٍ علمٌ يخصه، ولإبطال قول أولئك وذِكْر الأدلة الراجحة (٢) على صحة قول هؤلاء مكان هو أليق به، وعلى هذا فالفرق بين إضافة العلم إليه -سبحانه وتعالى- وعدم إضافة المعرفة لا ترجع إلي الإفراد والتركيب في متَعلَّق العلم، وإنما ترجع إلى نفس المعرفة ومعناها، فإنها في مجاري استعمالها إنما تُسْتَعمل فيما سبق تصوره خفاءٌ من نسيان أو ذهول أو عزوب عن القلب، فإذا تصوره وحَصَل في الذهن قيل: عرفه (٣). أو وصف له صمته ولم يره، فإذا رآه بتلك الصفة وتعينت فيه قيل: عرفه، ألا ترى أنك إذا غاب عنك وجه الرجل ثم رأيته بعد زمان فتبينتَ أنه هو، قلتَ: عرفته، وكذلك (٤). عرفتُ (ق/ ١١٢ ب) اللفظةَ، وعرفتُ الديار، وعرفتُ المنزل، وعرفتُ الطريق.


(١) من (ق)، وفي "النتائج": "متلازمة".
(٢) (ق): "الدالة".
(٣) هذه الجملة في (ق) بعد سطر، ومكانها هنا أنسب.
(٤) (ق): "قل: عرفه، وقيل: ... ".