للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِيَها، ثم عمل ذلك المعنى في الحديث، كأنك قلت: "لو ثبتَ أنك منطلق"، فصارت "أنَّ" كأنها من جهة اللفظ عاملة في الاسم الذي هو لفظ (١)، ومن جهة المعنى عاملة في المعنى الذي هو الحديث.

فإن قيل: ألم يتقدَّم أنه لا يعمل عامل معنوي في معمول معنوي؟.

قيل: هذا في الابتداء حيث لا لفظ يسدُّ مسدَّ العامل اللفظي، فأما هاهنا فـ "لو" لشدة مقارنتها للفعل وطلبها له، تقوم مقامَ اللفظ بالعامل الذي هو التحقيق والتثبيت الذي دلت عليه "أن" بمعناها، ومن ثَمَّ عَمِلَ حرفُ النفي المركب مع "لو" (ظ/٨٨ ب) من قولك: "لولا زيد"، عَمل الفعل (٢)، فصارَ زيد فاعلاً لذلك المعنى، حتى كأنك قلت: "لو عُدِم زيد وفُقد وغاب لكان كذا وكذا". ولولا مقارنة "لو" لهذا الحرف لما جاز (٣) هذا؛ لأن الحروف لا تعمل معانيها في الأسماء أصلاً. فالعامل (ق/١١٦ أ) في هذا الاسم الذي بعد "لولا" كالعامل في هذا الاسم الذي هو الحديث من قولك: "لو أنك ذاهبٌ لفعلت كذا".

وأما اختصاص "لا" بالتركيب معها في باب: "لولا زيد لزرتك" (٤)، فلأن "لا" قد تكون منفردة تغني عن الفعل، إذا قيل لك: هل قام زيد؟ فتقول: لا، فقد: أخبرت عنه بالقعود. وإذا قيل لك: هل قعد؟ قلت: لا، فكأنك مخبر بالقيام، وليس شيءٌ من حروف النفي يُكْتفى به في الجواب حتى يكونَ بمنزلة الإخبار إلا هذا الحرف، فمن ثَمَّ


(١) "في الاسم الذي هو لفظ" سقطت من (ق).
(٢) "الأصول": المصدر، والمثبت من "النتائج".
(٣) (ق): "كان".
(٤) "لزرتك" سقطت من (ق).