للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسم جامد، فلما وُصِف بالمشتق وطَّأته الصفة أن يكون حالاً، فإن (ظ/٩٠ ب) حَذفتَ الاسم وبقيت الصفة وحدَها لم يكن في الحال إشكال، نحو: "سِرْت شديدًا".

ويُبَيِّن ما قلناه أن قولك: "سرتُ شديدًا" هي حال من المصدر الذي دل عليه الفعل، فإذا أردت بالمصدر هذا المعنى كان بمنزلة الحال. ويجوز تقديمه وتأخيره إذا كان مفعولاً مطلقًا أو حالاً، ولا يجوز تقديمه على الفعل إذا كان توكيدًا له؛ لأن التوكيد لا يتقدم على المؤكد.

والعامل فيه إذا أردت معنى الحال الفعل نفسه، والعامل فيه إذا كان مفعولاً مطلقًا ليس هو لفظ الفعل بنفسه، وإنما هو ما يتضمَّنه من معنى "فعل" الذي هو فاءٌ وعَينٌ ولامٌ، لأنك إذا قلت: ضربت ضربًا، فالضرب ليس بمضروب، ولكنك حين قلت: "ضربت" تضمن "ضربت" (١) معنى "فعلت"؛ لأن كُلَّ ضرْبٍ فعل، وليس كل فعل ضربًا، فصار هذا بمنزلة تضمُّن الإنسان الحيوانَ، وإذا كان كذلك؛ "فضربًا" منصوب بفعلت المدلول عليها بضربت، حتى كأنك قلت: "فعلت ضربًا".

ولا يكون المصدر مفعولاً مطلقًا حتى يكون منعوتًا أو في حكم المنعوت، وإنما يكون توكيدًا للفعل؛ لأن الفعل يدلُّ عليه دلالةً مطلقةً ولا يدل عليه محدَّدًا ولا منعوتًا، وقد يكون مفعولاً مطلقًا، وليس ثَمَّ نعتٌ في اللفظ إذا كان في حكم المنعوت، كأنك تريد: "ضربًا مَّا"، فلا يكون حينئذٍ توكيدًا، إذ لا يؤكد الشيء بما فيه معنى


(١) ليست في (ظ).