للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أجمع"، فإن "أجمع" توكيد بمنزلة: "كله" و"نفسه"، فهو مضاف في المعنى إلى ضمير المؤكَّد، واستغنى عن إظهار الضمير بذكر المؤكد؛ لأن "الجمع" لا يكون إلا تابعا له، ولا يكون مخبرا عنه بحال، وليس كذلك "السحر"؛ لأنه بمنزلة "الفرس" و"الجمل" فإن أضفتَه لم يكن بدٌّ من إظهار المضاف إليه، وإنما هو معرف باللام، كما قال سيبويه. وهذا كله لما كان اليوم ظرفا لا مفعولا، فلو قلت: كرهت يوم السبت سحرَهُ، كان بدلا كما تقول: أكلت الشاة رأْسَها.

فإن قيل: فهلا قلتم: إنه يدل إذا كان ما قبله ظرفًا أيضًا؛ لأنه بعض اليوم، فيكون بدل البعض من الكل، كما كان ذلك إذا كان اليوم مفعولاً؟.

قيل: الفرق بينهما أن البدل يعتمد عليه ويكون المبدل منه في حكم الطرح، ويكون الفعلُ مخصوصا بالبدل بعدما كان عمومًا في المبْدَل منه، فإذا قلت: "أكلتُ السمكةَ رأسَها"، لم يتناول الأكل إلا رأسها، وخرج سائرها من أن يكون مأكولا، وليس كذلك: "خرجت يومَ الجمعة سحر"؛ لأن الظرفَ مقدر بـ "في" وجَعْل "سحر" ظرفا لا يخرج اليومَ عن أن يكون ظرفا أيضًا، بل يبقى على حاله؛ لأنه ليس من شرط الظرف أن يملأه ما يوضع فيه، فالكلام معتمد عليه، كما كان قبل ذكر "سحر". نعم، وما هو أوسع من اليوم في المعنى، نحو: الشهر والعام الذي فيه ذكر اليوم، وما هو أوسع من العام كالزمان، كلّ وأحد من هذه ظرف للفعل الذي وقع في "سحر". [وتخصيصك سَحَر] (١) بالذكر لا يخرج شيئا منها أن يكون ظرفا


(١) ما بين المعكوفين من "النتائج".