للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للتعريف والتأنيث، والذي أخرجهما عن باب "ضحوة" و"عشية" -وإن كان فيهما معنى الغدوِّ والبكور- كما كان في أخواتهما معاني الفعل أنهما قد بُنِيا بناءً لا تكون عليه المصادر ولا النعوت وغيرها للعَلَمية، كما غيِّر "عُمَارة" و"عُمَر" (١) وأشباههما، وكما غُيِّر "الدَّبَران" (٢)، وفيه معنى الدبور، إيذانا بالعلمية وتحقيقا لمعناها، ألا ترى أن "ضحوة" على ورد "صَعبة" من النعوت، و"ضربة" من المصادر، والمصادر يُنْعتَ بها، و"ضُحًى" على وزن "هُدًى" وعلى وزن "حُطَم" من النعت، وكذلك سائر تلك الأسماء، و"غدوة" و"بكرة" بخلاف ذلك، قد غُيِّرتا عن لفظ الغُدو والبكور تغييرًا بيِّنًا ففارقتا الفصلَ المتقدِّم.

فإن قيل: فلعلَّ امتناع التنوين فيهما بمثابة امتناعه في "سحر" ليومٍ بعينه.

قيل: كلامُ العرب يدل على خلاف ذلك؛ لأنهم لا يكادون يقولون: "خرجت اليوم في الغدوة"، ولا: "الغُدْوة خير من أول الليل"، كما يقال: "السحرُ خير من أول الليل"، فالسحر كسائر الأجناس في تنكيره وتعريفه، و"غدوة" و"بكرة" من اليوم بمنزلة "رَجَب" و"صَفَر" من العام، فقد تبين مخالفتهما لسحر وضحوة وأخواتهما، وأنهما بمنزلة أسماء الشهور (٣) الأعلام وأسماء الأيام الأعلام، نحو: السبت والجمعة.

وإذا ثبت هذا فَهُما اسمان متمكِّنان يجوز إقامتهما مقام الفاعل


(١) فى الأصول: "عمرو" وهو خطأ.
(٢) من منازل القمر، انظر: "اللسان": (٤/ ٢٧١).
(٣) (ق): "الأشهر".