للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: الجواب عن هذا: أن العامل في الحالين وصاحبهما متعدِّد ليس متحدًا، أما العامل في الحال الأولى، فهو ما في "أطيب" من معنى الفعل؛ لأنك إذا قلت: "هذا أطيبُ من هذا" تريدُ: أنه طاب وزاد طِيْبُه عليه، والطيبُ أمرٌ ثابت له في حال البُسْرية. قال سيبويه (١): "هذا باب ما يُنْصَب من الأسماء على أنها أحوال وقعت فيها الأمور".

وأما الحال الثانية وهي "رطبًا" فالعامل فيها معنى الفعل الذي هو متعلَّق الجار في قولك: "منه"، فإنَّ "منه" متعلِّق بمعنى غير الطيب؛ لأن "طاب يطيب" لا يتعدى بمن، ولكن صِيْغة الفعل (٢) تقتضي التفضيل بين شيئين مشتركين في صفةٍ واحدة، إلا أن أحدهما متميز من الآخر منفصل منه بزيادة في تلك الصفة، فمعنى التميز والانفصال الذي تضمنه أفعل هو الذي تعلق به حرف الجر، وهو الذي يعمل في الحال الثانية، كما عمل معنى الفعل الذي تعلق به حرف الجر من قولك: "زيد في الدار قائمًا" في الحال التي هي "قائمًا".

فإنَّ قلت: فهلَاّ أَعْمَلْت فيهما جميعًا ما في "أطيب" من معنى الطيب (٣).

قلت: يستلزمه (٤) المحال المذكور؛ لأن الفعل الواحد لا (ق/ ١٣٨ أ) يقع في حالين كما لا يقع في ظرفين، لا تقول: "زيد قائم يوم الجمعة يوم الخميس"، ولا: "جالس خلفك أمامك"، فإذا قلت:


(١) "الكتاب": (١/ ١٩٩) بنحوه.
(٢) كذا في الأصول و"النتائج"، وأصلحها محققه إلى: "أفعل".
(٣) "من معنى الطيب" سقطت من (ظ ود).
(٤) (ظ ود): "لاستلزامه".