للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجواب عنه من وجهين:

أحدهما: لا نسلم امتناع تقديم معموله عليه، وقولكم الاتفاق واقع على امتناع: "زيد منك أحسن"، غير صحيح، لا اتفاق في ذلك، بل قد جَوَّر بعض النحاة ذلك واستدل عليه بقول الشاعر (١):

* جَنَى النحلِ أو ما زوَّدَتْ منه أَطْيبُ *

قال هؤلاء: وأفعل التفضيل لما كان في قوة فعلين جاز تقديم معموله عليه. قالوا: وتقديمه أقوى من قولك: "أنا لك محب"، و"فيك راغب"، و"عندك مقيم"، ولاستقصاء الحجج في هذه المسألة موضع آخر.

الوجه الثاني: سلَّمنا امتناع تقديم معموله عليه، ولا يقال: "زيد منك أحسن"، فهذا الأمر يختص بقولهم: "منك" لا يتعدى إلى الحال والظرف، وذلك لأن "منك" في معنى المضاف إليه، بدليل أن قولهم: "زيد أحسن منك"، بمنزلة: "زيد أحسن الناس" في قيام أحدهما مقام الآخر، وأنهم لا يجمعون بينهما، فلما قام المضاف إليه مقامه، لكونه (ق/ ١٣٨ ب) المفضل عليه في المعنى، كرهوا تقديمه على المضاف لأنه خلاف لغتهم، فلا يلزم من امتناع تقديم معمولٍ هو كالمضاف إليه امتناع تقديم معمول ليس كهو، وهذا بين.

وجواب ثالث: وهو أنهم إذا فضلوا الشيءَ على نفسه باعتبار حالين فلا بد من تقدُّم أحدهما على العامل، وإن كان مما لا يسوغ


(١) هو: الفرزدق، "ديوانه": (ص/ ٣٢)، وصدره:
* وقالت لنا أهلًا وسهلاً وزوَّدت *