للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إذ" و"إذا" معها!! وأنت لو قلت: "آتيك جاء زيد" تريد: إذا جاء زيد، كان خَلْفًا من الكلام بإجماع، وإذا كان كذلك كان الإضمار من هذا الموطن أبعد؛ لأنه لا (ق/ ١٤٠ أ) يُدرى هاهنا "إذ" تريد أم "إذا"؟ وفي قولك "سآتيك" لا يحتمل إلا أحدهما، بخلاف قولك: "زيد قائمًا أخطب منه قاعدًا"، وإذا بَعُد كل البعد إضمار الظرف هاهنا فاضماره مع "كان" أبعد، ومن قدَّره (١) من النحاة، فإنما أشارَ إلى شرح المعنى بضرب من التقريب.

فإنَّ قيل: الذي يدلُّ على أنه لابُد من إضمار "كان": أن هذا الكلام لا يُذكر إلا لتفضيل شيءٍ في زمان من أزمانه على نفسه في زمان آخر، ويجوز أن يكون الزمان المفضَّل فيه ماضيًا وأن يكون مستقبلًا، ولابدَّ من إضمار ما يدل على المراد منهما، فيضمر للماضي "إذ" (٢)، وللمستقبل "إذا"، و"إذ" (٣) و"إذا" يطلبان الفعل، وأعم الأفعال وأشملها فعل الكَوْن الشامل لكلِّ كائن، ولهذا كثيرًا ما يضمرونه، فلابدَّ من فعل يُضاف إليه الظرف، لاستحالة أن تقول: "هذا إذ بُسرًا أطيب منه إذ رطبًا"، فتعين إضمار "كان" لتصحيح الكلام.

قيل: هذا السؤال إنما يلزم إذا أضمرنا الظرف، وإما إذا لم نُضْمره لم نحتج إلى"كان ويكون". وأما قولكم: إنه يفضل الشيءَ على نفسِه باعتبار زمانين، و"إذ وإذا" للزمان؛ فجوابه: أن في التصريح بالحالين المفضل أحدهما على الآخر غُنْية عن ذِكْر الزمان وتقدير إضماره.


(١) (ق): "قلده"!.
(٢) (ق): "فيضمن إذا".
(٣) ليست في (ق) وكذا التي في آخر الفقرة.