للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم الذي قالوا بعينه مردودًا عليهم، وبإدخال "الواو" يقع الاشتراك معهم، والدخول فيما: قالوه، لأن الواو حرف العطف والاجتماع بين الشيئين".

قلتُ: معنى ما أشار إليه الخطابي: أن "الواو" في مثل هذا تقتضي تقرير الجملة وزيادة الثانية عليها، كما إذا قلت: "زيدٌ كاتب"، فقال المخاطب "وشاعر"، فإنه يقتضي إثبات الكتابة له وزيادة وصف الشعر، وكذلك إذا قلت لرجل: "فلان محب لك فقلت: و"مُحْسن إليَّ".

ومن هنا استنبط السُّهيلي في "الروض" (١) أن عِدَّة أصحاب الكهف سبعة، قال: لأن الله تعالى عطفَ عليهم الكلب بحرف "الواو" فقال: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢]، ولم يذكر "الواو" فيما قبل ذلك من كلامهم، و"الواو" تقتضي تقرير الجملة الأولى، وما استنبطه حسَن؛ غير أن إنما يفيد إذا كان المعطوف بالواو ليس داخلاً في جملة قولهم، بل يكون (ق/١٦٠ ب) قد حكى سبحانه أنهم قالوا: "سبعة"، ثم أخبر تعالى أن ثامنهم كلبهم، فحينئذٍ يكون ذلك تقريرًا لما قالوه وإخبارًا بكون الكلب ثامنًا، وأما إذا كان الإخبار عن الكلب من جملةِ قولهم، وأنهم قالوا هذا وهذا، لم يظهر ما قاله ولا تقتضي الواو في ذلك تقريرًا ولا تصديقًا، فتأمَّلْه.

وأما قوله: "المحدثون يروونه بالواو"، فهذا الحديث رواه عبد الله (٢) ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: "إنَّ اليهودَ إذا سَلَّمَ عَلَيكُم أحدُهم فإنما


(١) "الروض الأنف": (٢/ ٥٦).
(٢) "عبد الله" ليست في (ق).