للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات ويَنْفُث، فلما اشتدَّ وجَعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها" (١).

وكذلك قال مَعْمر، عن الزهري، عن عروة، عنها: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان ينفُثُ على نفسه في مرضه الذي قُبِض فيه بالمعوِّذات، فلما ثَقلَ كنتُ أنا أنفثُ عليه بهنَّ وأمسحُ بيده نفسه لبركتها" فسألتُ ابنَ شهاب كيف كان ينفُث؟ قال: ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه. ذكره البخاري (٢) أيضًا.

وهذا هو الصواب: أن عائشةَ كانت تفعل ذلك، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها ولم يمنعها من ذلك، وأما أن يكون استرقى وطلب منها أن ترقيه = فلا، ولعل بعض الرواة رواه بالمعنى، فظنَّ أنها لما فعلت ذلك وأقرها النبي (٣) - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمرها، وفرْقٌ بين الأمرين، ولا يلزم من كون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أقرها على رقيته أن يكون مسترقيًا، فليس أحدهما بمعنى الآخر، ولعلَّ الذي كان يأمرها به إنما هو المسح على نفسه بيده، فيكون هو الراقي لنفسه، ويدُه لما ضَعُفت عن التنفُل على سائر بدنه أمرها أن تنقلها على بدنه، ويكون هذا غير (٤) قراءتها هي عليه ومسحها على بدنه، فكانت تفعل هذا وهذا، والذي أمرها به إنما هو بِنَقْل يده لا رقيته، والله أعلم.

والمقصودُ الكلام على هاتين السورتين، وبيان عظيم منفعتهما، وشدَّة الحاجة بل الضرورة إليهما، وأنه لا يستغني عنهما أحدٌ قط،


(١) رواه البخاري رقم (٥٠١٦)، ومسلم: (٤/ ١٧٢٣).
(٢) رقم (٥٧٣٥ و ٥٧٥١)، ومسلم: (٤/ ١٧٢٣).
(٣) من هنا إلى "وأقرها" الثانية ساقط من (ظ ود).
(٤) (ق): "عين" وهو خطأ.