كلِّ كتاب (١) أنه يخرجُ عبادَهُ من الظُّلُماتِ إلى النُّور, ويدَعُ الكفارَ في ظلمات كفرهم قال تعالى الله:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: ٢٥٧] , وقال تعالى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}[الأنعام: ١٢٢] وقال في أعمار الكفار: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} [النور: ٤٠].
وقد قال قبل ذلك في صفات أهل الإيمان ونورهم:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}[النور: ٣٥].
فالإيمان كلُّه نور, ومآله إلى نور, ومستقرُّه في القلب المضيء المستنير, والمقترن بأهله الأرواح المستنيرة المضيئة المشرقة, والكفر والشرك كله ظلمة, ومآله إلى الظلمات, ومستقره في القلوب المظلمة والمقترن بها الأرواح المظلمة.
فتأملْ الاستعاذة بربِّ الفلق من شرِّ الظُّلْمة ومن شرِّ ما يحدثُ فيها وَنَزِّولْ هذا المعنى على الواقع يشهدْ به: أن القرآن بل هاتانِ السورتان من أعظم أعلام النبوة وبراهين صِدْق رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومضادَّةِ لما جاء به الشَّياطينُ من كل وجه, وأن ما جاء به ما تنزلت به الشياطين, وما ينبغي لهم, وما يستطيعون فما فعلوه, ولا يليقُ