للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جملتهم، وأن يكونَ عن سُبَّاقِهِم وعِلْيَتِهم ومُصَلِّيهم لا عن فَسَاكِلِهِم (١)، فتحدث له من هذه الهمة المنافسة والمسابقة والمسارعة مع محبته لمن يضبطه، وتمني دوام نعمة الله عليه، فهذا لا يدخلُ في الآية بوجهٍ ما.

فهذه السورةُ من أكبر أدوية المحسود، فإنها تتضمَّنُ التَّوكُّلَ على الله والالتجاءَ إليه والاستعاذةَ به من شرِّ حاسد النعمة، فهو مستعيذٌ بولى النعم وموليها [من شرِّ لِصِّها وعدوها] (٢) كأنه يقول: يا منْ أولاني نعمتَه وأسْداها إليَّ، أنا عائذٌ بك من شرِّ من يريدُ أن يستلبَها مني، ويُزيلها عني [فلا يعيذني منه سواك، فهو مستجير بمن أنعم عليه من عدوِّ نعمته، والله تعالى يُجير ولا يجار عليه] (٣) وهو حسْبُ من توَكَّلَ عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمِّنُ خوفَ الخائف، ويجيرُ المستجير، وهو نِعْمَ المولى ونعم النصير، فمن تولَّاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه = تولَّاه وحفظه وحرسه وصانه، ومن خافه وأتَّقاهُ آمَنَهُ من كل ما (٤) يخافُ ويحذرُ، وجلب إليه كلَّ ما يحتاج إليه من المنافع: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢ - ٣] فلا تستبطئ نصره ورزقه وعافيته، فإن الله تعالى بالغ أمره، وقد جعل اللهُ لكلِّ شيء قدْرًا لا يتقدَّمُ عنه ولا يتأخَّرُ، ومن لم يَخَفْهُ أخافه من كل شيء، وما خاف أحدٌ غيْرَ الله إلا


(١) المُصَلِّي ما يسبق من الفرس، وتأتي بعد المجلّي، أما الفساكل فجمع فُسْكُل، وهو: ما يجيء آخر الحلية من الخيل. انظر: "القاموس": (ص/ ١٦٨١,١٣٤٦).
(٢) من (ق).
(٣) الزيادة من (ق).
(٤) (ظ ود): "مما".