للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس أنه قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} [ص: ٨٢ - ٨٣] قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢]، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)} [النحل: ٩٩ - ١٠٠]، وقال في حق الصديق يوسف - صلى الله عليه وسلم -: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)} [يوسف: ٢٤].

فما أعظمَ سعادةَ مَنْ دخل هذا الحِصْنَ وصار داخلَ اليَزَك، لقد أوى إلى حصْن لا خوفَ على مَن تحصَّن به، ولا ضيْعَةَ على من أوَي إليه، ولا مَطْمعَ للعدو في الدُّنُوِّ منه (١) و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)} [الجمعة: ٤].

السبب السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سَلَّطت عليه أعداءَه، فإن الله: تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]، وقال لخير الخلق -وهم أصحاب نبيه- دونه - صلى الله عليه وسلم -: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥] فما سُلِّط على العبد مَنْ يؤذيه إلا بذنب يعلمُه أو لا يعلمُه، وما لا يعلمُهُ العبدُ من ذنوبه أضعافُ ما يعلمه منها، وما ينساهُ مما عمله وعلمه أضعاف ما يذكره.

وفي الدعاء المشهور: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ أَنْ أُشْرِكَ بكَ وَأَنا أعْلَمُ، ْ وَأسْتَغْفِرُك لِمَا لا أعْلَمُ" (٢)، فما يحتاج العبدُ إلى الاستغَفار منه


(١) (ظ ود): "إليه".
(٢) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد": (ص / ٢١٤)، وأبو يعلى: (١/ ٦٠ - ٦١)، =